عليه اُغمضُ روحي حلمَه العجبا ! = فكيف فرَّ إلى عينيَّ مُنسربا
ومن أضاء له حُزني فغادَرَهُ = إلى فضاءٍ قصيّ اللمح فاقتربا!
حتى تسلل من حب ومن وجعٍ = دمعاً يُطهّر نبع القلب لا الهدبا
رأيتُ فيما رأيتُ الدهشة انكسرت = وخضبت جسداً للمستحيل كبا
وكان يلقى سيوف الليل منصلتاً = ويستفزُّ مدىً مجنونة وظبى
وكان يعبر في أشفارها فزعاً = مُرّاً، وترتدُّ عن أوداجه رعُبا!
تمتدُّ لهفتها حيرى فيُسلمُها = إلى ضلوع تشظّت تحتها نهبا
من ينحر الماء من يخنق شواطئه؟ = والنهر مدَّ يديه نحوه.. وأبى!
فناولني دمَهُ ياليلة عبرت = إلى النزيف جريح الخطو منسكبا
يا نافراً مثل وجه الحلم رُدَّ دمي = إلى هواكَ.. دمي الممهور ما اغتربا
يطلُّ ظلُّك فيه.. بوح اغنيةٍ = ظمآنةٍ عبَّ منها لحنُها اللهبا
رأيتُ فيما رأيتُ الليلُ متّشحاً = عباءة الشمس مختالاً بها طربا
وفوق أكتافه فجر النعوش هوتْ = نجومه... والمدى يرتجُّ منتحبا
قبلَ الحرائق كان الورد يُشبههُ = وبَعدَهُ لرماد الريح صار سِبا
قبل الفجيعة من لون الفرات له = شكلٌ، ومن طينه وجهٌ يفيض صبا
وبعدها سقطت في النار خضرته = وحال عن بهجة مسحورة، حطبا
وما تألق من جمرٍ فبسمتهُ = غارت، وتحت رمادٍ باردٍ شحبا!
وأنتَ، دون عزيف الموت، صرختُنا = وأنتَ.. تنفخ فيها صوتها.. نسبا
وأنت عندك مجدُ الله... آيتهُ = بيارقاً نسَلَتْ... جرّارةً حقبا
وأنت تلوي عنان الأرض ثم إلى = أقدارها تُطلقُ الأقدار والشُهبا
وعند جرحك ماتَ الموتُ وانبجست = من الصهيل خيولٌ تنهَبُ الصخبا
فاحمل دم الكوكب الغض الذبيح وسر = إلى الخلود فقد أرهقته نصبا
وقف.. فحيثُ مدار الكون صرت له = مشيئةً تكتب التاريخ، أو قُطُبا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق