الاثنين، 16 يناير 2012

احمد بخيت -- الحسين

 
 

 أَسْمَاُؤنَا الّصحراءُ واسْمُكَ أخْضَرُ 
  
                أرني جِراحَك كلّ جرحٍ بَيْدرُ 
يا حِنطةَ الفقراءِ يا نبع الرضا 
               يا صوتَنا والصمتُ ذئبٌ أحمرُ 
يا ذبحَ هاجر يا انتحابةَ مريمٍ 
                يا دمعَ فاطمةَ الذي يَتحَدّرُ 
 إيٍِهٍ أبا الشهداءِ وابنَ شهيدِهم 
              وأخا الشهيدِ كأن يومَك أعْصُرُ 
 جسدٌ من الذِّكْرِ الحكيمِ أديمُهُ 
             درعٌ على الدينِ القويمِ ومِغْفَرُ 
 عارٍ وتكسوه الدماءُ مهابةً 
              لا غمدَ يحوي السيفَ ساعةَ يُشْهَرُ 
 الأنبياءُ المرسلونَ إزاءَهُ 
                والروحُ والملأُ الملائِكُ " حُضَّرُ 
 ومحمدٌ يُرخِي عليهِ رداءَهُ 
            ويقول: يا وَلَدَاه فُزتَ وأُخْسِروا 
 يا أظمأ الأنهارِ قَبلكَ لمْ تكُنْ 
             تَروي ظَما الدنيا وتظمأُ أنْهُر 
 لولا قضاءُ الله أن تظما له 
              لسعى إليك من الجنانِ الكوثرُ 
يا عاريَ الأنوارِ مسلوبَ الرِّدا 
              بالنورِ لا بالثَوبِ طُهْرُكَ يُسْتَرُ 
 يا داميَ الأوصالِ لا قَبْرٌ لهُ 
                أفْدِيكَ إِنِّ الشَّمْسَ ليستْ تُقْبَرُ 
 طُلاّبُ موتك يا اَبْنَ بِنْتِ محمدٍ 
               خَرَجوا من الصحراءِ ثم تصحّروا 
 وكأن خيل الله لم تركض بهم 
                   والسامرين بمكة لم يسمروا 
 وكأن برقًا ما أضاء ظلامهم 
              فمشَوا تجاه النور ثم استدبروا 
 وكأنما ارتدوا على أعقابهم 
                  فأبوك أنت وهم جميعا خيبرُ 
 أوَلم يشمُّوا فيك عطرالمصطفى 
                كذبوا فعطر المصطفى لا يُنكَرُ 
 كلُّ القصائدِ فيك أمٌّ ثاكلٌ 
                في حِجْرِها طفلُ النبوةِ يُنحرُ 
 عريانةٌ حتى الفؤادِ قصيدتي 
               والشِّعْرُ بَيْنَ يَدَيّ أَشْعَثُ أَغْبَرُ 
 قلْ ليْ بمن ذا يَعدِلونك والذي 
                فطرَ الخلائقَ شسعُ نعلِك أطهرُ 
 شتانَ ما بين الثريا والثرى 
                  بُعْدًا ويختصرُ المسافةَ خنجرُ 
 لولا قضاء الله لارتد الردى 
                 عن حُر وجهِك باكيًا يستغفرُ 
 وَلَرَدَّ ذؤبانَ الفلاةِ ليوثُها 
                واحتز حمزةُ في الرؤوسِ وجعفرُ 
 ولذاد عنك أخوك أشجع من مشي 
                    -إلا أبوك وجدُك المدثرُ- 
 ولكان أول من يرد رؤوسَهُم 
               للشام يعسوبُ الحقائقِ حيدرُ 
 والله لو لمحوا اللواءَ بكفِّهِ 
                 لرأوا وطيسَ الحربِ كيف يُسعَّرُ 
 هو مَنْ علمتَ ويعلمونَ بلاءَهُ 
                 وهو الفتى النبويُّ لا يتغيرُ 
 تمشي الملاحمُ تحتَ مَضْربِ سيفهِ 
                   ووراء ضربتهِ يلوحُ المحشرُ 
 لو حارب الدنيا بكلِّ جيوشِها 
                 تتقهقرُ الدنيا ولا يتقهقرُ 
 يأتي زمانٌ لا نجومَ ليهتدوا 
                يأتي زمانٌ لا غيومَ ليمطروا 
 يأتي زمانٌ ليس يعلم تائهٌ 
               هل فيكَ أم في قاتليكَ سيحشرُ؟ 
 يأتي زمانٌ والمودةُ غربةٌ 
                والكُرْهُ بلدتُنا التي نستعمرُ 
 يأتي زمانٌ كلُّ شيء ٍزائفٌ 
              حتى اللِّحى العمياءُ وهي تُبصِّرُ 
 يأتي زمانٌ وابنُ آدمَ خُبزُهُ 
                   دينٌ يدينُ به وفيه يُكفَّرُ 
 يأتي زمانٌ والكرامة سُبَّة 
                  والعار فرعون الذي يتجبر 
يأتي زمانٌ والسقوطُ وجاهةٌ 
               والناسُ مرعًى والرعاة الشُّمَّرُ 
 يأتي زمانٌ كل شيء ضده 
                 الليلُ يُشْمِسُ والظهيرةُ تُقْمِرُ 
 يأتي زمانٌ لا زمانَ لأهلهِ 
                     إلا رجال الله وهي تبشِّرُ 
 يأتي زمانٌ فالسلام على الذي 
                  ذبحوه في الصحراء وهو يكبِّرُ 
 هذا ولائي يا ابن بنت محمد 
               أنت الشهادة والشهيد الأكبرُ 
 يدُ أُخْتِكَ الحَوراءِِ مسَّت جبهتي 
                 فدماي تكبيرٌ وصوتي "المنبرُ" 
 كفي على جمرِ المودةِ قابضٌ 
                  ودمي بحبِكُمُ الطَّهورِ مطهَّرُ 
 بايعت عن نجباءِ مصرَ جميعِهم 
         وأنا ابنُ وادي النيل واسْمي الأزهرُ 

 

دعد الكيالي - يا فتاة العرب ابكي ونوحي

                                         
 يا فتاة العرب إبكي واندبي
                                 يوم عاشوراء واستبكي ونوحي
كربلا أي مآس هجت لي
                                  فغدا قلبي كالطير الذبيح..!
كربلا أي دماء أهرقت
                                    فوق كثبانك يا مهد جروحي.!
كربلا يا آهة الشعر ويا
                                    دمعة الفن ويا أنة روحي
 جئت أسعى بحنين ظامئ
                                     لثرى جدي تخفيني مسحوي
رحت أبكي بذهول خاشع
                                      وأناجي من بذياك الضريح
جئت يا جداه أسعى وأنا
                                      مثل نسر تاعس الجد العثور
جئت يا جداه أذري دمعة
                                      دمعة المظلم يدعو وا ثبوري .!
جئت أبكي وطناً ضاع ولم
                                      ار من يفديه إلا بالشمور..!
 كلهم يهتف فليحيى وقد
                                      صار واموتاه من أهل القبور.!
ضاع من عرب وهم في لهوهم
                                      يضربون الطبل لا طبل النفير.!
ليتني يا جد قدمت ولم
                                       أر مسرى جدنا ملك اليهود
ليتني يا جد قدمت ولم
                                      أر قومي عيشهم عيش العبيد
يرتضون الذل يا جد كأن
                                      لم تمت في ساحة الحق الشهيد.!
 مت حر الراي لم تخضع لما
                                      يخفض الهامة يا خير الجدود
 حرموك الماء يا جد فلم
                                      ينل الحرمان من عزم الحديد
قتلوا ولدك يا جد فلم
                                     ينل القتل من البأس الشديد
 كلهم كان شجاعاً باسلاً
                                     لم يطق صبراً على ظلم يزيد
 قتلوا ؟ لا . انهم أحياء في
                                     جنة الخلد بأمن وسعود
 غلبوا ؟ لا إنهم لم يغلبوا
                                     كيف يا جد وهم أسد الأسود !!
 إنهم قد نصروا الحق وما
                                     مات من مات فدى الحق التليد
 ليتنا متنا فدى أوطاننا
                                     ليتنا لم نخدر بالوعود
 ليتنا يا جد ثرنا مثلما
                                     ثرت قدماً بالضبا لا بالقصيد.!
 شهد الله بأني وأنا
                                    أبدع الشعر وأشدو للخلود
 قد كرهت الشعر والنثر معاً
                                    وعشقت النار في جوف الحديد !
 ليتني نار عصوف تمحق
                                   الظلم والطغيان من هذا الوجود
 ليتني قنبلة ذرية
                                   فأريح الكون من شر اليهود.!
ليتني لكنني يا جد في
                                   عزلتي يرهقني ثقل القيود

وقفت والشمس ملقات على كتفي- محمد الفيتوري

                                        
 
 
 
 






هذه الاضافة من الاخ محمد بدوي حجازي 
وشكرا له 
مع بداية الالفية الثانية ؛ زار بغداد الشاعر العربي – السوداني- محمد مفتاح الفيتوري ؛ كنت ايامها (الامين العام للادباء والكتاب) ولذلك كان من البديهي ان التقيه بشكل يومي طوال ايام زيارته؛ وان كان موضع ترحاب اكيد من بقية الزملاء اعضاء المكتب التنفيذي ؛ سالناه عن سرّ غيبته الطويلة عن بغداد التي نعرف كم هو مولع بها ؛ لم يجب الشاعر الفيتوري مباشرة ؛ وانما طلب ان نهيّئ له سيارة تذهب به الى النجف الاشرف؛ ليزور..ونقيم له امسية هناك ؛ وعندها سنعرف السبب !! في اليوم التالي كانت سيارة " الوفود " تقطع بنا الطريق من بغداد الى النجف ؛ وبعد اتمام زيارة الضريح ؛ وتناول الغداء في المحافظة المقدسة ؛ ذهبنا مساء الى حيث الامسية التي اتفقنا على اقامتها للفيتوري في قاعة المحافظة . لم يتحدث الفيتوري طوال الطريق بين بغداد والنجف عن قصيدة في جيبه مكتوبة عن الامام ع ؛ وانما ارادها مفاجأة لنا ؛ وفعلا كانت مفاجأة وقد استقبلها الشارع الثقافي النجفي بالكثير من الترحاب . في طريق العودة ؛ تحدّث الفيتوري عن سرّ غيبته الطويلة عن بغداد؛ وسرّ كتابته لهذه القصيدة فقال : في آخر زيارة لي ذهبت الى النجف ؛ حتى اذا اتممت الطواف بالقبر الشريف ؛ جلست بين الزائرين اقرأ الفاتحة ؛ وكان الضريح يومها يعج بالعديد من الجنسيات التي ضعت بينها ؛ واذا برجل معمم بعمامة خضراء يقف امامي ويسألني : ألست الشاعر الفيتوري ؟ يقول الفيتوري ارتبكت من سؤاله وكيف ميّزني من بين الجموع ؛ فاجبت : مرتبكا نعم..نعم ؛ فقال : علي بن ابي طالب "يطلبك"..وانت مدين له بقصيدة ! يضيف الفيتوري؛ ذهلت لحظتها وحين تمالكت دهشتي لم أجد الرجل امامي وكأنه فصّ ملح وذاب ؛ فقررت لحظتها ان لا اجيء الى بغداد الا ومعي قصيدة عن الامام علي ؛ وهي التي سمعتها مني اليوم !!
  وقفتُ 
والشمس ملقاةُ على كتفي وبَيرقُ الشعر في عينيَّ غير خفي وعاصفٌ يكنسُ التاريخ، فهو دُمىً مستوحشاتٌ وغيلانٌ من الخزفِ وساحراتٌ يغربلن الفراغَ وقد تناسخ الموتُ في الأشباح والنُّطَفِ وكان موج الرجال الراقصينَ على حرائق العصر ممتداً على الجُرُفِ وكنتُ أركض في حلمي إليكَ.. وبي إليكَ.. ما بي من شوقٍ ومن شغفِ لعلّ بعض ارتحالي فيكَ.. بعض دمي في طينةِ الأخضرَين.. الماءِ والسَعَفِ يسقي العظام التي جفّتْ منابعُها الأولى.. وينفخُ روح الله في الجِيَفِ - وقفتُ يا سيدي يا قوسَ دائرةٍ من النبوات.. منذ البدءِ لم تقفِ أصغي وأوغل في الأشياء.. منسكباً وسائلاً في عناق الصخر والصدفِ وقد أراك.. وأدري أنّ قدركَ في معارجِ السرِّ، سرّ بالجلال حفي وقد تباغتني رؤياك معتكفاً على بقايا سراجٍ فيّ معتكفِ فأستبيح لنفسي أن أقول لها في خافتٍ من جريح الصوت مرتجفِ: فيم اضرابكِ أو شكواكِ ؟ مطرقة همّاً، وخائفة يا نفس.. لا تخفي هذا عراقُ أميرِ المؤمنينَ وهذي الأرض أرضُ عليّ ساكنِ النجفِ هذا العراق، وكم من غاصبٍ كبرت أحلامه، ثم لم يحصد سوى التلفِ هذا عراق العراقيين.. عزّتهم في النفس، لا في حقول النفط والتّرفِ هذا عراق الألى خطّت أناملُهم شريعة الله في الأحجار والصُّحُفِ تكالبت حولهم دنيا مسيّجة بالنار والدم والصلبان والصلفِ - وقلت والغيم عبر الغيم ينسجني برقاً، وينفضني في دمعيَ الذرفِ وينفضني في دمعيَ الذرفِ كم غائبٍ حاضرٌ تحت القباب هنا وكاشفٍ بثّ شكواه ومنكشفِ وساجدٍ راعش الكفّين.. مجمرة في مُقلتيه، وألوانٌ من السّدفِ وغارقٍ في مقام الوجد تحسبه طيفاً لطيفِ زمان جِدُّ مختلِفِ