قامت
زينب بنت علي بن أبي طالب ، فقالت :
الحمد
لله رب العالمين ، وصلى الله على رسوله
وآله أجمعين ، صدق الله سبحانه حيث يقول
:
" ثُمَّ
كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا
السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ
وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون "
.
أظننت
يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض ،
وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق
الاسارى ان بنا على الله هوانا ، وبك عليه
كرامة ، وان ذلك لعظم خطرك عنده ؟ فشمخت
بأنفك ، ونظرت في عطفك ، جذلان مسرورا ،
حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والأمور
متسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا فمهلا
مهلا ، أنسيت قول الله تعالى :
" وَلاَ
يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا
نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ
إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ
إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ "
.
"
أمن
العدل يا ابن الطلقاء ، تخديرك حرائرك
وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ،
قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، تحدو
بهن الأعداء من بلد إلى بلد ، ويستشرفهن
أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفح وجوههن
القريب والبعيد ، والدني والشريف ، ليس
معهن من حماتهن حمي ولا من رجالهن ولي ،
وكيف يرتجى مراقبة من لفظ فو ؟ أكباد
الازكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء ،
وكيف يستبطأ في بغضنا أهل
البيت
من نظر إلينا بالشنف والشنآن ، والاحن
والاضغان ، ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم
:
لأهلوا
واستهلوا فرحا *
ثم
قالوا يا يزيد لا تشل "
منحنيا
على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة
تنكتها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك ، وقد
نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك
دماء ذرية محمد (
ص
)
ونجوم
الأرض من آل عبد المطلب وتهتف بأشياخك
زعمت أنك تناديهم فلتردن وشيكا موردهم
ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت
وفعلت ما فعلت .
"
"
اللهم
خذ لنا بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، واحلل
غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا .
فو
الله ما فريت الا جلدك ، ولا حززت الا لحمك
، ولتردن على رسول الله (
ص
)
بما
تحملت من سفك دماء ذريته وانتهكت من حرمته
في عترته ولحمته ، حيث يجمع الله شملهم ،
ويلم شعثهم ويأخذ بحقهم ، ولا تحسبن الذين
قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند
ربهم يرزقون "
"
وحسبك
بالله حاكما ، وبمحمد (
ص
)
خصيما
، وبجبريل ظهيرا ، وسيعلم من سول لك ومكنك
من رقاب المسلمين بئس للظالمين بدلا وأيكم
شر مكانا واضعف جندا ، ولئن جرت علي الدواهي
مخاطبتك ، إني لاستصغر قدرك واستعظم
تقريعك ، واستكثر توبيخك ، ولكن العيون
عبرى ، والصدور حرى .
ألا
فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء
، بحزب الشيطان الطلقاء ، فهذه الأيدي
تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلب من لحومنا
وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها
العواسل ، وتعفرها أمهات الفراعل ولئن
اتخذتنا مغنما ، لتجدنا وشيكا مغرما ،
حين لا تجد الا ما قدمت يداك وما ربك بظلام
للعبيد ، والى الله المشتكى وعليه المعول
.
"
"
فكد
كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله
لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا يرحض
عنك عارها ، وهل رأيك الا فند وأيامك الا
عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادى المنادي
ألا لعنة الله على الظالمين .
"
"
والحمد
لله رب العالمين ، الذي ختم لأولنا بالسعادة
والمغفرة ولآخرنا بالشهادة والرحمة ،
ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب
لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة ، انه
رحيم ودود ، وحسبنا ونعم الوكيل "
.
1
) مثير
الأحزان ص 80
واللهوف
ص 70
( * ) .
-
ج
3
ص
163
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق