الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

قصيدة صالح ابن العرندس


 
طوايا نظامي في الزمان لها نشر * يعطرها من طيب ذكراكم نشر 
قصائد ما خابت لهن مقاصد * بواطنها حمد ظواهرها شكر 
مطالعها تحكي النجوم طوالعا * فأخلاقها زهر وأنوارها زهر 
عرائس تجلي حين تجلي قلوبنا * أكاليلها در وتيجانها تبر 
حسان لها حسان بالفضل شاهد * على وجهها تبر يزان بها التبر 
أنظمها نظم اللئالي وأسهر الليالي * ليحيى لي بها وبكم ذكر 
فيا ساكني أرض الطفوف عليكم * سلام محب ما له عنكم صبر 
نشرت دواوين الثنا بعد طيها * وفي كل طرس من مديحي لكم سطر 
فطابق شعري فيكم دمع ناظري * فمبيض ذا نظم ومحمر ذا نثر 
فلا تتهموني بالسلو فإنما * مواعيد سلواني وحقكم الحشر 
فذلي بكم عز وفقري بكم غنى * وعسري بكم يسر وكسري بكم جبر 
ترق بروق السحب لي من دياركم * فينهل من دمعي لبارقها القطر 
فعيناي كالخنساء تجري دموعها * وقلبي شديد في محبتكم صخر 
وقفت على الدار التي كنتم بها * فمغناكم من بعد معناكم فقر 
وقد درست منها الدروس وطالما * بها درس العلم الآلهي والذكر 
وسالت عليها من دموعي سحائب * إلى أن تروى البان بالدمع والسدر 
فراق فراق الروح لي بعد بعدكم * ودار برسم الدار في خاطري الفكر 
وقد أقلعت عنها السحاب ولم يجد * ولا در من بعد الحسين لها در 
إمام الهدى سبط النبوة والد الأئمة * رب النهي مولى له الأمر 
إمام أبوه المرتضى علم الهدى * وصي رسول الله والصنو والصهر 
إمام بكته الإنس والجن والسما * ووحش الفلا والطير والبر والبحر 
له القبة البيضاء بالطف لم تزل * تطوف بها طوعا ملائكة غر 
وفيه رسول الله قال وقوله * صحيح صريح ليس في ذلكم نكر 
حبي بثلاث ما أحاط بمثلها * ولي فمن زيد هناك ومن عمرو؟ 
له تربة فيها الشفاء وقبة * يجاب بها الداعي إذا مسه الضر 
وذرية ذرية منه تسعة * أئمة حق لا ثمان ولا عشر 
أيقتل ظمآنا حسين بكربلا * وفي كل عضو من أنامله بحر؟ 
ووالده الساقي على الحوض في غد * وفاطمة ماء الفرات لها مهر 
فوالهف نفسي للحسين وما جنى * عليه غداة الطف في حربه الشمر 
رماه بجيش كالظلام قسيه الأهلة * والخرصان أنجمه الزهر 
لراياتهم نصب وأسيافهم جزم * وللنقع رفع والرماح لها جر 
تجمع فيها من طغاة أمية * عصابة غدر لا يقوم لها عذر 
وأرسلها الطاغي يزيد ليملك ال‍ - عراق وما أغنته شام ولا مصر 
وشد لهم أزرا سليل زيادها * فحل به من شد أزرهم الوزر 
وأمر فيهم نجل سعد لنحسه * فما طال في الري اللعين له عمر 
فلما التقى الجمعان في أرض كربلا * تباعد فعل الخير واقترب الشر 
فحاطوا به في عشر شهر محرم * وبيض المواضي في الأكف لها شمر 
فقام الفتى لما تشاجرت القنا * وصال وقد أودى بمهجته الحر 
وجال بطرف في المجال كأنه * دجى الليل في لألآء غرته الفجر 
له أربع للريح فيهن أربع * لقد زانه كرو ما شأنه الفر 
ففرق جمع القوم حتى كأنهم * طيور بغاث شت شملهم الصقر 
فأذكرهم ليل الهرير فاجمع الكلاب * على الليث الهزبر وقد هروا 
هناك فدته الصالحون بأنفس * يضاعف في يوم الحساب لها الأجر 
وحادوا عن الكفار طوعا لنصره * وجاد له بالنفس من سعده الحر 
ومدوا إليه ذبلا سمهرية * لطول حياة السبط في مدها جزر 
فغادره في مارق الحرب مارق * بسهم لنحر السبط من وقعه نحر 
فمال عن الطرف الجواد أخو الندى * الجواد قتيلا حوله يصهل المهر 
سنان سنان خارق منه في الحشا * وصارم شمر في الوريد له شمر 
تجر عليه العاصفات ذيولها * ومن نسج أيدي الصافنات له طمر 
فرجت له السبع الطباق وزلزلت * رواسي جبال الأرض والتطم البحر 
فيا لك مقتولا بكته السما دما * فمغبر وجه الأرض بالدم محمر 
ملابسه في الحرب حمر من الدما * وهن غداة الحشر من سندس خضر 
ولهفي لزين العابدين وقد سرى * أسيرا عليلا لا يفك له أسر 
وآل رسول الله تسبى نسائهم * ومن حولهن الستر يهتك والخدر 
سبايا بأكوار المطايا حواسرا * يلاحظهن العبد في الناس والحر 
ورملة في ظل القصور مصونة * يناط على أقراطها الدر والتبر 
فويل يزيد من عذاب جهنم * إذا أقبلت في الحشر فاطمة الطهر 
ملابسها ثوب من السم أسود * وآخر قان من دم السبط محمر 
تنادي وأبصار الأنام شواخص * وفي كل قلب من مهابتها ذعر 
وتشكو إلى الله العلي وصوتها * علي ومولانا علي لها ظهر 
فلا ينطق الطاغي يزيد بما جنى * وأنى له عذر ومن شأنه الغدر؟ 
فيؤخذ منه بالقصاص فيحرم النعيم * ويخلى في الجحيم له قصر 
ويشدو له الشادي فيطر به الغنا * ويسكب في الكاس النضار له خمر 
فذاك الغنا في البعث تصحيفه العنا * وتصحيف ذاك الخمر في قلبه الجمر 
أيقرع جهلا ثغر سبط محمد * وصاحب ذاك الثغر يحمى به الثغر؟ 
فليس لأخذ الثار إلا خليفة * يكون لكسر الدين من عدله جبر 
تحف به الأملاك من كل جانب * ويقدمه الاقبال والعز والنصر 
عوامله في الدار عين شوارع * وحاجبه عيسى وناظره الخضر 
تظلله حقا عمامة جده * إذا ما ملوك الصيد ظللها الجبر 
محيط على علم النبوة صدره * فطوبى لعلم ضمه ذلك الصدر 
هو ابن الإمام العسكري محمد التقي * النقي الطاهر العلم الحبر 
سليل علي الهادي ونجل محمد الجواد ومن في أرض طوس له قبر 
علي الرضا وهو ابن موسى الذي قضى * ففاح على بغداد من نشره عطر 
وصادق وعد إنه نجل صادق * إمام به في العلم يفتخر الفخر 
وبهجة مولانا الإمام محمد * إمام لعلم الأنبياء له بقر 
سلالة زين العابدين الذي بكى * فمن دمعه يبس الأعاشيب مخضر 
سليل حسين الفاطمي وحيدر الوصي * فمن طهر نمى ذلك الطهر 
له الحسن المسموم عم فحبذا الإمام * الذي عم الورى جوده الغمر 
سمي رسول الله وارث علمه * إمام على آبائه نزل الذكر 
هم النور نور الله جل جلاله * هم التين والزيتون والشفع والوتر 
مهابط وحي الله خزان علمه * ميامين في أبياتهم نزل الذكر 
وأسمائهم مكتوبة فوق عرشه * ومكنونة من قبل أن يخلق الذر 
ولولاهم لم يخلق الله آدما * ولا كان زيد في الأنام ولا عمرو 
ولا سطحت أرض ولا رفعت سما * ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر 
ونوح به في الفلك لما دعا نجا * وغيض به طوفانه وقضى الأمر 
ولولاهم نار الخليل لما غدت * سلاما وبردا وانطفى ذلك الجمر 
ولولاهم يعقوب ما زال حزنه * ولا كان عن أيوب ينكشف الضر 
ولان لداود الحديد بسرهم * فقدر في سرد يحير به الفكر 
ولما سليمان البساط به سرى * أسيلت له عين يفيض له القطر 
وسخرت الريح الرخاء بأمره * فغدوتها شهر وروحتها شهر 
وهم سر موسى والعصا عندما عصى * أوامره فرعون والتقف السحر 
ولولاهم ما كان عيسى بن مريم * لعازر من طي اللحود له نشر 
سرى سرهم في الكائنات وفضلهم * وكل نبي فيه من سرهم سر 
علا بهم قدري وفخري بهم غلا * ولولاهم ما كان في الناس لي ذكر 
مصابكم يا آل طه! مصيبة * ورزء على الاسلام أحدثه الكفر 
سأندبكم يا عدتي عند شدتي * وأبكيكم حزنا إذا أقبل العشر 
عرائس فكر الصالح بن عرندس * قبولكم يا آل طه لها مهر 
وكيف يحيط الواصفون بمدحكم * وفي مدح آيات الكتاب لكم ذكر؟ 
ومولدكم بطحاء مكة والصفا * وزمزم والبيت المحرم والحجر 
جعلتكم يوم المعاد وسيلتي * فطوبى لمن أمسى وأنتم له ذخر 
سيبلي الجديدان الجديد وحبكم * جديد بقلبي ليس يخلقه الدهر 
عليكم سلام الله ما لاح بارق * وحلت عقود المزن وانتشر القطر

ليست هناك تعليقات: